Tuesday, January 10, 2012

الزاوية والمجتمع القبلي والمخزن

الزاوية والمجتمع القبلي والمخزن
(الزاوية الدرقاوية نموذجا)
 تمهيد :
يقال : "إذا كانت بلاد المشرق هي بلاد الرسل والأنبياء، فإن بلاد المغرب هي أرض الصالحين والأولياء". هذه المقولة لم تولد من فراغ وإنما لها مبرراتها وبراهينها الواقعية والموضوعية المتمثلة أساسا في أركيولوجيا الزوايا والرباطات والأضرحة والمشاهد والمزارات التي تؤرخ لأولياء الله الصالحين في المغرب الذين احتضنتهم الأراضي المغربية بكل طبقاتهم ومقاماتهم جيلا بعد جيل وقرنا بعد الآخر، فغطوا بواديها وحواضرها، وملؤوا جبالها وسهولها، وعمروا شمالها وجنوبها وشرقها وغربها؛ وبذلك صارت الزوايا مدخلا من المداخل الرئيسة في حفريات ماضي المغرب بكل عناصره ومكوناته المادية والمثالية نظرا إلى تجذرها في أعماق المجتمع والدولة؛ بحيث لا يمكن فهم هذا الماضي دون استحضار هذا العنصر الذي ظل بمثابة نهر مسترسل يغذي باقي الحقول المعرفية الأخرى عبر روافد حية وقوية ساهمت في بلورة جزء كبير من مظاهره وقضاياه، وخاصة في بعض المناطق والجهات المغربية التي اعتبرت بمثابة مستنبت لشيوخ الزوايا ورجال التصوف وأهل المقامات والطرق، كما نلمس ذلك في جنوب شرق المغرب وخاصة بمنطقة تافيلالت.
 
2- الزاوية وجغرافية المقدس في المغرب

يعتبر استقصاء الزوايا المغربية حلقة من حلقات أركيولوجيا جغرافية المقدس في بلاد المغرب، سواء ما بعد التواجد العربي الإسلامي في بلاد الأطلس، أو ما قبله؛ لأن المزارات والمشاهد والأضرحة المتواجدة بالأراضي المغربية لا تقتصر فقط على الفترة الإسلامية؛ بل سبقتها بقرون مطولة؛ بحيث تسجل لنا الأعمال التي تؤرخ لهوية وذاكرة المجتمع المغربي ما قبل الفتح العربي الإسلامي، أن المجتمع الأمازيغي ظل دوما مرتبطا بعدد لا يستهان به من المزارات المقدسة، منها ما هو وثني، ومنها ما هو يهودي، وقليل ما هو يسوعي
([1]). وما زالت بعض المناطق المغربية لحد الآن تؤرخ لجغرافية المقدس ما قبل الإسلام كما هو معلوم في منطقة أسجن بشمال المغرب قرب مدينة وزان، وأيضا في موكَادور (الصويرة) وفي مدينة سجلماسة التاريخية؛ حيث يتقاطر على هذه المناطق آلاف اليهود سنويا من أجل التبرك بمزاراتها ومشاهدها.

الخلفيات التاريخية للزوايا في المغرب ما قبل درقاوة ارتبط ظهور الزوايا في المغرب الإسلامي أساسا بظروف سياسية وتاريخية واجتماعية خاصة، كالفراغات السياسية التي كانت تنتج عن غياب السلطة المخزنية المركزية، أو تعرض البلاد إلى كوارث طبيعية مزلزلة كموجات القحط والجراد والفيضانات، أو تعرض المجتمع لتهديدات خارجية حقيقية مشرقية وأوربية؛ فاستغل أهل الطرق وشيوخ الزوايا مختلف هذه الأوضاع في المغرب، وتحركوا من أجل تعبئة المجتمع واستنهاضه ضد ما يحدق به من أخطار. فاعتبرت مؤسسة الزاوية خاصية من خصائص تاريخ المغرب الذي لا يمكن تناول أية فترة منه، أو أي حدث من أحداثه، دون أن نأخذ بعين الاعتبار حضور الزاوية والطرق في تشكيل جزء كبير منه، وهو ما جعل الكتابات التاريخية حول المغرب تبقى متفطنة ومدركة ما لهذا المعطى من أهمية في تفسير الكثير من الظواهر والقضايا التي يحفل بها التاريخ المغربي، معتبرة أن الطرقية تبقى منذ قرون الشكل الأكثر عمومية والأكثر شعبية والأكثر حيوية في المغرب الإسلامي
([2])، منذ أن اختمر الفكر الطرقي في البلاد المغربية وتجذر في أوساطه الشعبية بواسطة الطريقة الشاذلية على يد مؤسسها الأول أبي الحسن علي الشاذلي في القرن 13م
([3])، فازداد دور الزوايا أهمية في تاريخ المغرب بعد القرن 14م بفعل ضعف السلطة المركزية المخزنية المرينية والوطاسية من جهة، وبفعل الهجمات المسيحية الأيبيرية على الأراضي المغربية من جهة ثانية، وما كان لها من وقع في نفوس المغاربة الذين وجدوا في أهل الزوايا متنفسا لهم لقيادة عملياتهم الجهادية ضد الاحتلالات الأجنبية المتواصلة، ومن ثم بات من الصعب الفصل بين الديني والسياسي لدى هذه الزوايا وخاصة بعد ظهور الطريقة الجزولية التي أسسها زعيمها محمد بن عبد الرحمان بن أبي بكر الجزولي المتوفى عام 1465م/870هـ
([4])، والذي ساند قيام الإمارة السعدية وكان من البدائل الهامة التي اعتمدها المغاربة للخروج من هول الصدمة الأيبيرية
([5]) بعد احتلال العديد من المدن والمناطق المغربية كأﮔـادير(1405م) ومليلية(1509م) وسبتة (1415م) وغيرها
([6]). ترك الشيخ الجزولي العديد من المريدين والأتباع؛ مثل عبد العزيز التباع الذي يعد كبير تلامذته، وهو من الرجال السبعة في مراكش(ت.1508م). كما ظهر في نفس الفترة الشيخ زروق الذي كان حيا إلى غاية 1519م، والذي أسس الطريقة الزروقية. ومن بعده ظهر الشيخ مولاي عبد الله الشريف مؤسس الزاوية الوزانية، وهو من أحفاد يملح بن مشيش، الذي صادف ظهوره قيام الدولة العلوية بتافيلالت، وتوفي عام 1678م
([7])، والذي لم تكن طريقته سوى طريقة سلفه مولاي عبد السلام بن مشيش وتلميذه أبي الحسن علي الشاذلي. وفي العهد العلوي أيضا ظهرت بالمغرب" ثلاث طرق صوفية متتابعة اكتسحت الأرض كالأمواج المتوالية وغطت مجموع جهات المغرب، وهي: الناصرية والدرقاوية والتجانية"
([8]). كان للزاوية أدوار كثيرة في المجتمعات المغربية؛ كتفقيه الناس في أمور دينهم من خلال دروس الوعظ والإرشاد، وتلقينهم مفاهيم الطريقة من حيث الأوراد والأذكار التي تميزها عن باقي الطرق الأخرى، بجانب هذه المهام الدينية كانت الزاوية تقدم دروسا في الآداب والحكمة. أما في المناطق التي بها تمثيل ضعيف للسلطة المخزنية أو غياب لهذه السلطة، فإن الزوايا كانت تقوم فيها بالأدوار التحكيمية في النزاعات والخلافات بين القبائل
([9])، وكانت تملأ الفراغ السياسي الذي يخلفه غياب السلطة المخزنية وخاصة في المناطق الحدودية النائية؛ مثل مناطق الجنوب الشرقي؛ بحيث لعبت الزوايا هناك أدوارا طلائعية في تأطير السكان واستنهاضهم ضد الغزو الفرنسي للأراضي المغربية، كما كان للزاوية حضور هام في تحديد مجالات الرعي والانتجاع وتوزيع المياه في المناطق الصحراوية، وبذلك فالزاوية تم الاعتراف بها كمكان مقدس، له حرمة لا يمكن انتهاكها بأي حال من الأحوال، فظلت قبلة للملهوفين، وملجأ آمنا للهاربين والفارين من التسلط المخزني أو من العقوبات الثقيلة المفروضة عليهم، الشيء الذي جعل الزوايا ذات حساسية كبيرة بالنسبة إلى ممثلي المخزن؛ كالخلائف والعمال والقياد، الذين بدأوا يتقربون منها لاستغلالها في ضبط مجالاتهم القبلية، فظل شيخ الزاوية دوما آلية من آليات استمرار قياد المخزن في القيام بوظائفهم؛ لأنه يضفي عليهم نوعا من الشرعنة، ويزكيهم لدى السلطان وخليفته ما دام هؤلاء الصلحاء والمرابطون يتوافرون على تزكية دائمة من خلال ظهائر التوقير والاحترام التي كان يخصهم بها سلاطين وملوك الدولة المغربية من حين لآخر
([10])، إدراكا منهم للأدوار الحيوية التي تلعبها هذه المؤسسات بالنسبة إلى دعم السلطة المركزية في المجالات القبلية، التي كان من الصعب على المخزن اقتحامها لولا هذه الزوايا التي أسهمت في تحقيق الوحدة السياسية للبلاد في ظل التواجد المخزني، وخاصة بعد التغلغل الأجنبي في المغرب
([11])، إلى درجة أن بعض شيوخ الزوايا تحولوا إلى قياد مخزنيين؛ كما كان الحال مع شيخ زاوية تازروالت ابن الحسين بن هاشم، الذي عينه السلطان مولاي الحسن قائدا على منطقة تازروالت عام 1886م/ 1304هـ، وبذلك استطاع التحكم في مجال قبلي ضخم وصعب المراس، يتكون من عدة قبائل غاية في الخطورة؛ مثل قبائل ماسا، وقبائل آيت باعمران، وقبائل مجاط، وأهل الساحل، وإيدا وطيط، وقبائل أخصاص، وغيرها
([12])، ونفس الشيء قام به السلطان المولى الحسن الأول تجاه الزاوية الناصرية عندما عين عليها الشيخ محمد الحنفي لمساعدته على ضبط الشؤون الدرعية
([13]).
الزاوية الدرقاوية: النشأة والتوسع
تعود الجذور التاريخية للزاوية الدرقاوية إلى القرن 18م/12هـ، وذلك منذ تأسيسها في شمال المغرب بمنطقة أمجاط من قبل مؤسسها الأول، وهو مولاي العربي الدرقاوي، شريف من أصل بني زروال، عاش في الفترة ما بين1732م/1150هـ و1823م/1239هـ
([14]). يطلق اسم درقاوة على كافة أتباع الزعيم الروحي للطريقة الدرقاوية أبي عبد الله محمد بن يوسف أحد شرفاء الآدارسة، والذي كان يعرف أيضا بـ"بودرقة"؛ أي صاحب الدَّرَّاقة، وهي واقية تقيه من السهام أثناء المعامع والحروب، فكان دوما ملازما لهذه الدراقة إلى أن توفي على ضفاف نهر أم الربيع بالشاوية في المنطقة المعروفة ببلاد تامسنا
([15]).
منذ أن تأسست هذه الزاوية في المغرب، انخرطت بقوة في الحقل الديني، قبل أن تمزج ما بين السياسي والاجتماعي والروحي على خلفية الأحداث التي عرفها المغرب والجزائر خلال النصف الأول من القرن 19م/13هـ، وخاصة التدخل الفرنسي في الجزائر 1830م/1246هـ، وتحرش السلطات الفرنسية بالبلاد المغربية، في وقت بدا فيه المخزن دون مستوى المرحلة، بعدما انهزم أمام القوات الفرنسية في معركة إيسلي (1844م) والتي كانت فيها الخسارة على كل الأصعدة، والتي أعطت، أيضا، الضوء الأخضر لباقي مكونات المجتمع لسد الفراغ المهول الذي بات يفرزه الضعف المخزني، سيما بعد التنازلات الخطيرة التي قدمتها السلطة المخزنية للمحتلين الأجانب من خلال اتفاقية للامغنية 1845م/1262هـ؛ مما جعل الزوايا تتعملق في المجتمع وتتجذر في أنسجته، فالتفّت العديد من الشرائح الاجتماعية حول المتصوفة وأهل الطرق والزوايا، وخاصة الزاوية الدرقاوية التي أعلن ممثلوها ( شيوخ، مريدون، أتباع، طلبة، متعاطفون…) عن رفضهم القاطع لتفويت أجزاء من بلاد الإسلام إلى السلطات المسيحية في الجزائر، وبهذا الموقف الراديكالي غير القابل للتململ تجاه النصارى صار مد الزاوية قويا، فوصل صيتها وإشعاعها إلى بلاد الجزائر نفسها؛ بل تعدى القطر الجزائري فتبناها أهالي تونس، ثم أهالي طرابلس وحتى المصريون، وأكثر من ذلك، صارت من بين الطرق الأكثر شعبية في بلاد الحجاز؛ وهو ما أكسب المقيمين عليها حرمة كبيرة وهيبة عظيمة في الأوساط الشعبية وداخل الدوائر السياسية العليا للسلطة المخزنية نفسها، التي باتت تأخذها على محمل الجد، وتعاملها كطرف له وزنه في الساحة السياسية، ويلعب دورا طلائعيا في تأطير الجماهير وضبطهم، ومن ثم بدأت السلطة المركزية تفكر في كيفية مهادنتها واحتوائها
([16]).
تعد الطريقة الدرقاوية مذهبا صوفيا سنيا لا يشترط الخلوة والانزواء في المغارات والكهوف، ولا يقر الانطواء على الذات في قمم الجبال وتخوم الفيافي، كما أنها طريقة لا تعول على الممارسة الماضوية، ولا تقبل بمظاهر الشعوذة والابتداع والمروق عن المذهب السني؛ بل هي طريقة واقعية تؤكد على عبادة الله بالشكل الصحيح، وخشيته سرا وعلانية، كما تلتزم بالتباع النبي محمد (ص) في أفعاله وأقواله وتقريراته، والتشبث بسنته، والتحلل من أمور الدنيا، والرضا بقدر الله وقضائه، والتوكل عليه وحده في السراء والضراء. أما كل من حاد عن هذا الخط، وخالف هذا النهج، فهو لا ينتسب إلى هذه الطريقة لا في الشكل ولا في الجوهر؛ وبذلك يظهر أن الدرقاوية استضمرت الملامح الكبرى للطريقة الشاذلية التي انتشرت في المغرب منذ القرن 13م على يد شيخها أبي الحسن علي الشاذلي، تلميذ مولاي عبد السلام بن مشيش
([17])، والذي يعود إليه الفضل في تفريخ عدد هائل من الزوايا والطرق الصوفية في المغرب تسير على النهج الشاذلي.
انتقال الفكر الدرقاوي إلى جنوب شرق المغرب:
راهنت الزاوية الدرقاوية كثيرا على مفهوم الجهاد، والاعتزاز بالإسلام والموت من أجل حماية داره والحفاظ عليه، فانتقل ثقلها من المناطق الداخلية للمغرب إلى المجالات الحدودية؛ كما هو الحال في جنوب شرق المغرب، في ظرفية صعبة وعسيرة اتسمت بالتحولات الدولية التي أثرت بشكل واضح على المغرب، وخاصة المنافسة المسعورة بين الدول الأوربية حول المستعمرات في إفريقيا وآسيا، فبدأت الإيالة الشريفة تخضع لضغوط استعمارية على شتى الأصعدة، واتخذ المستعمر عدة وسائل وأساليب للتوغل في بلاد المغرب كالوسائل المالية والتجارية والدبلوماسية والدينية( التبشير) وحتى العسكرية، للضغط على السلطة المخزنية من أجل تقديم المزيد من التنازلات تجاهه والقبول بمخططاته وإملاءاته، وخاصة بعد احتلال الفرنسيين للجزائر عام 1830، وشروعهم في توسيع مستعمرتهم الجديدة غربا على حساب التراب المغربي. كان ذلك من بين العوامل الحاسمة في استقطاب الفكر الطرقي جنوب شرق المغرب، وتكتل القبائل حول شيوخ الزوايا وأهل الطرق هناك من أجل مجابهة الفرنسيين والتصدي لهم
([18])؛ ومن أهم الطرق التي بات لها حضور وازن في تلك المجتمعات القبلية، نجد الطريقة الدرقاوية التي أصبح لها وجود وحضور مؤسساتي، وخاصة في منطقة مدغرة التي تعتبر صاحبة الفضل الأول في انتقال الفكر الدرقاوي من شمال المغرب(فاس) نحو الجنوب الشرقي وذلك عن طريق ابن القاضي المدغري الشهير، سيدي محمد بن الهاشمي. هذا الابن هو سيدي محمد بن العربي
([19]) المزداد بقصر مدغرة عام 1801م/1216هـ، وينحدر من أسرة شريفة لها مكانتها المتميزة ضمن باقي أهالي منطقة مدغرة والرتب وقصر السوق وكل التجمعات السكانية على ضفتي زيز الأعلى والأوسط
([20]).
تفيد الروايات التاريخية أن سيدي محمد بلعربي توجه إلى جامع القرويين بفاس للتبحر في العلوم والاحتكاك بأهل الصنائع وفطاحل الشيوخ. وبعد دراسته في العاصمة العلمية لمدة طويلة عاد إلى بلاد مدغرة، على الضفة اليسرى لزيز الأوسط وهو يتحرق شوقا لنشر ما تيسر له من العلم والمعرفة بين أهاليه، سيما وأنه تأثر في فاس بالفكر الصوفي الدرقاوي، فأسس قرب مسقط رأسه زواية رحمة الله الدرقاوية، ثم أسس زاوية ثانية في تافيلالت جنوب السفالات وهي زاوية ﮔـاوز قرب قصر تينغراس التاريخي، فاتخذ سيدي محمد بلعربي زاوية رحمة الله مقرا له، وعُرف بـ"الرجل الصالح الناصح المخلص العابد الزاهد الداعي إلى ربه بقلبه وقالبه…وكان من التواضع وعدم الاستشراف للرياسة بالمكانة التي يغبط عليها…فقد كان هذا الشريف كله غيرة وشعلة نار في وجوه المستعمر وهو من عباد الله الصالحين"
([21])، ولهذه المكانة العلمية والروحية والخصال العالية، صار لسيدي محمد بلعربي في المنطقة صيت قوي، جعل الطلبة والمريدين يتوافدون عليه من كل ضواحي الجنوب الشرقي المغربي، ومنهم من كان يتقاطر عليه من جنوب غرب الجزائر المحتلة؛ بل إن شهرة هذا المتصوف المدغري الدرقاوي سرعان ما طفقت الآفاق ووصلت إلى بلاد الكنانة وبلاد ما بين النهرين؛ إذ وفد عليه أهالي بغداد في زاوية رحمة الله للأخذ عنه والاغتراف من مناهله، فصار وحيد منطقته على مستوى الأتباع والشهرة، كما أضحى تلامذته يعدون بالآلاف
([22]).
أصبحت الزاوية الدرقاوية أهم مكون للحقل الصوفي والمشهد السياسي في جنوب شرق المغرب، وصارت مؤهلة للعب أدوار حاسمة في الدعوة إلى الجهاد ومكابرة الأعداء المسيحيين، إلى حد أن إشعاعها الروحي ونفوذها السياسي ألقيا بظلالهما على الأدوار المخزنية في مجتمعات الجنوب الشرقي؛ لذلك لم تتوان السلطة المخزنية بتافيلالت في مغازلة الزاوية الدرقاوية في ﮔـاوز
([23])، وخاصة بعد ما انتقل ثقلها إلى داخل القصور الفيلالية، وبات لها العديد من الأتباع هناك، فلم يعد بالإمكان الفصل بين أدوارها السياسية والروحية
([24]) بعد ما اتضحت النوايا السيئة للأوربيين تجاه المغرب غداة حربي إيسلي وتطوان، وما وازاهما من اتفاقيات ومعاهدات مذلة للسيادة المغربية؛ مثل معاهدة للا مغنية 1845م والاتفاقية المغربية الإنجليزية 1856م والاتفاقية المغربية الإسبانية 1860-1861م والاتفاقية المغربية الفرنسية 1863م وصولا إلى مؤتمر مدريد1880م الذي فرض الحمايات القنصلية على المخزن، وفوت جزءا من المجتمع المغربي لصالح الأجانب.

الزاوية الدرقاوية والدعوة إلى الجهاد:
أمام هذه الدسائس الخطيرة التي كانت تحاك ضد المغرب بهدف السيطرة عليه والتدخل في شؤونه، وبعد إقرار المخزن المغربي بالأمر الواقع تحت ذريعة عدم السباحة ضد التيار الجارف، قام سيدي محمد بلعربي الدرقاوي بدق ناقوس خطر الوضع السياسي في المغرب، منبها لمخاطر التواجد الأوربي على السواحل المغربية بدعوى القيام بالأنشطة الاقتصادية التجارية والفلاحية، مؤكدا أن الوضع يستدعي تأهب المجتمع لممانعة النصارى، ومحذرا الناس بأن "مقدمة البوار الأمن من عدو الدين وعدم المبالاة بما يفعله في أرض المسلمين، وترك التفطن إليه حتى يصير يأمر وينهى ويمتثل أمره في سواحل أهل الإيمان والدين، ولا يتفطن إليه وينتبه حتى يتفاقم الواقع ويتسع الخرق على الرقع"
([25])؛ كما دعا إلى الجهاد ومحاربة النصارى وعدم الالتزام بالاتفاقات والمواثيق التي وقعها المخزن معهم، بعد ما اكتوى بنيرانها نظرا إلى قربه من الحدود الجزائرية، فشرع في مكاتبة قصور مدغرة، وتافيلالت، والرتب، والزوزفانة، والساورة، وﮔـير، وصولا إلى فـﮔـيگ، "مكاتب كلها حث وتحريض على الدفاع عن الإسلام وحماية الوطن"
([26])، وبدأت رسائله الجهادية تقتحم مجالات قصية ومجتمعات نائية "كأهل سوس والصحراء وقبائل البربر كبني مـﮔـيلد ونحوهم [ يأمرهم ] بالتحريض على الجهاد والنهوض إليه"
([27])، ودعا إلى مقاطعة البضائع الأجنبية وعدم المتاجرة مع النصارى، بعد ما لاحظ أن الفرنسيين يتخذون من التجارة سبيلا للتغلغل في الأراضي المغربية ومخالطة المغاربة وتعويدهم على معاشرتهم والتعامل معهم في انتظار السيطرة النهائية على البلاد المغربية، فأصدر في هذا الشأن عددا من الفتاوى يحرم فيها هذا التعامل ويحظر فيها هذه التجارة، حاثا كافة القبائل والحواضر على عدم تمكين العدو من سلع حيوية "من خيل وإبل وبارود وشياه وبهائم وثياب وصوف وغير ذلك، بعد ما بلغنا أنهم قطعوا الكبريت على المسلمين منذ زمان وكثرت علينا الأخبار والمراسلات بهذا الأمر، ولم يبالوا ولم يتنبهوا ولا تفطنوا لما أصابهم، وأحزننا ذلك غاية وأكربنا غاية…وخفنا على ما بقي من هذه الأمة أن يقع لها ما وقع لجزيرة الأندلس وغيرها من مدن الإسلام"
([28])، ولم يفت هذا الشريف المدغري التنديد الشديد بكل من يعمل لدى الفرنسيين من أبناء تافيلالت وأهالي الجنوب الشرقي ضمن الأوراش الخاصة بمد السكك الحديدية شرق فـﮔـيگ، وتعبيد الطرق غرب الجزائر، فأصدر في هذا الصدد أيضا فتاوى تحرم ذاك العمل وتجعله باطلا ومغضبا لله ولرسوله، فكان يحذر القبائل الفيلالية وغيرها "من إعانة النصارى بأي خدمة كانت"
([29])، فكان لنداءاته وقع كبير في نفوس السكان بالمناطق الحدودية، إلى درجة أن السلطات الفرنسية استشعرت مدى التجاوب الكبير الذي أبدته القبائل تجاه هذا المرابط، وخاصة عند ما بدأ ينشر بعض المناشير تدعو المجاهدين إلى التصدي للنصارى الفرنسيين ليس فوق التراب المغربي وحسب؛ بل داخل التراب الجزائري أيضا، باعتبارهم كفارا يهددون الإسلام في المغرب بعد ما اقتحموه في الجزائر
([30])، مما جعل السلطة الفرنسية تتابع باهتمام زائد أنشطة الشيخ المدغري، وترصد حركاته وسكناته عبر عيونها المبثوثة في جنوب شرق المغرب؛ إذ أشار القنصل الفرنسي في طنجة يوم 12 أبريل 1888م أن لمولاي العربي الدرقاوي اتصالات ومكاتبات مكثفة مع القبائل الصحراوية من سوس إلى وادي نون، وأن مجمل القبائل استجابت لدعواته
([31])، ناهيك عن اتصاله بقبائل آيت عطا وآيت يافلمان؛ بل كانت له مراسلات خارج الإمبراطورية الشريفة في اتجاه الجزائر، وتونس، وطرابلس، ومصر، وكانت مضامين هذه المراسلات تتمحور حول الدعوة إلى الجهاد والتنديد بالمخزن المغربي الذي وُصِف بالرعديد والجبان والمتردد في اتخاذ موقف حازم تجاه الفرنسيين الغزاة، وأن على السكان بكافة أطيافهم أن يأخذوا المبادرة بأنفسهم، ويهُبّوا للدفاع عن شرفهم دون انتظار أوامر من السلطة المركزية
([32])؛ مما جعل المغرب يخضع لانتقادات خارجية لاذعة وخاصة من قبل الفرنسيين
([33])، الذين مارسوا ضغوطات شديدة على السلطان مولاي الحسن(1873-1894م)، حاثين إياه على لجم الشيخ المدغري، الشيء الذي أحرج كثيرا الأجهزة المخزنية، التي بادرت إلى طمأنة الفرنسيين بأن القبائل الحدودية تحت سيطرة المخزن ولا تأبه بدعاوى الدرقاوي، وهي تحترم الهدنة الموقعة بين الطرفين
([34])، كما أن بوعمامة الجزائري استغل هذه الأجواء الجديدة على خلفية مؤتمر مدريد واستطاع سنة 1881م/ 1299هـ أن يؤلب عددا هاما من القبائل المغربية ضد القوات الفرنسية في منطقتي الزوزفانة وفـﮔـيگ "خصوصا وأن صورته كزعيم لآخر مقاومة في الجزائر كانت لا تزال حية في أوساط القبائل المتعطشة لمثل تلك الزعامة"([35]). قام الثوار يهاجمون سلطات الاحتلال غرب وهران، فوجدها الفرنسيون فرصة من ذهب لفرض إملاءاتهم على المخزن وإخضاعه للأمر الواقع، من خلال بناء عدد من المراكز العسكرية المتقدمة بدعوى حماية المعمرين من هجمات الثوار الصحراويين؛ مثل مركز عين الصفراء، ومركز جنين بورزگ على بعد 50 كلم من فـﮔـيگ
([36])، وبذلك ازدادت القبائل الحدودية تيقنا من النوايا الخطيرة للفرنسيين، فشرعت في استجماع قواها وتوحيد صفها عن طريق إحياء عهد "الخاوا" والقوانين العرفية المنظمة له
([37])، وبدأت في شراء الأسلحة والبحث عنها بكافة الوسائل؛ كمهاجمة بعض المراكز الفرنسية والسطو على عتادها، فصارت الأجواء منذرة بانفجارات مهولة إذا لم يتم التصدي لها بنوع من الحزم والصرامة، سواء بالمناطق الحدودية في المجالات الخباشية والمنيعية، أو بالمناطق الداخلية كما هو الحال في مجالات اتحادية آيت يافلمان
([38]).
الزاوية الدرقاوية والسلطة المخزنية
استغل الشيخ المدغري كل هذه الظروف التي كانت تصب في صالحه، وكثف من مراسلاته ودعواته الجهادية، منتقدا في نفس الوقت موقف المخزن من الأخطار المحدقة بالسيادة المغربية، فلقيت نداءاته تجاوبا كبيرا من قبل المجتمعات القبلية في الجنوب الشرقي شملت قصور تافيلالت، والرتب، ومدغرة، وقصور فركلة، وتودغة، وصولا إلى مناطق الساورة، وسوزفانا، وأعالي ﮔـير؛ وبذلك أضحت أهم التكتلات القبلية الممتدة من السفوح الجنوبية الشرقية للأطلس الكبير إلى غاية الحدود المغربية الجزائرية متعاطفة إلى حد كبير مع الفكر الدرقاوي، ومعادية للتصور المخزني، ولم يعد بإمكان مولاي رشيد، الخليفة السلطاني في تافيلالت، أن يتجاهل خطورة هذه التكتلات وانعكاساتها على السلطة المخزنية محليا ومركزيا، الشيء الذي جعله لا يتردد في إشعار أخيه السلطان مولاي الحسن بالوضع المرير والظرفية الدقيقة التي تمر بها المنطقة؛ لذا فإن السلطان لم يتوان عام 1882م/1300هـ في تنظيم حرْكة سلطانية قوية ضد المناطق المعنية، وخاصة ضد القبائل العطاوية وقبائل آيت يافلمان، لكبح جماحها وتطويعها
([39])؛ كما حاول احتواء الفكر الدرقاوي ومحاصرته عبر بث التفرقة في صفوف أتباع ومؤيدي مولاي محمد بلعربي المدغري، من خلال التركيز على العناصر الشريفة وتقريبها من الأجهزة المخزنية، ناهيك عن إرساله لجملة من الرسائل السلطانية إلى أهالي تافيلالت يحثهم فيها على عدم إتباع الشيخ المدغري واصفا إياه بـ"الشخص الشرير الذي يقود المسلمين إلى الهلاك…وأنه عنصر للفتنة الذي لا يتبع طريق الشريعة"
([40])؛ لكن المسألة كانت أعمق مما تصورته الأجهزة المخزنية؛ لأن جل فئات الصلحاء، والشرفاء، والعلماء، والفقهاء، كانت تسير في نفس الخط الذي سار عليه الشيخ المدغري فيما يتعلق باستنهاض الهمم والتحريض على الجهاد "فالتفَّت حولهم القبائل الأمازيغية والعربية لاعتقاد أبنائها الراسخ بصحة مواقفهم، باعتبارها مبنية على الكتاب والسنة، فلم يترددوا في الالتحاق بدعوة أي شريف، أو عالم، أو متصوف، رفع راية الجهاد"
([41]).
إن هذا الانتشار الكبير للفكر الدرقاوي في الجنوب الشرقي المغربي، جعل السلطة المخزنية تزاوج في تعاملها معه : تارة بالتقرب والمحاباة وتقديم التنازلات والامتيازات، وتارة أخرى بالتهديد والترهيب والوعيد، وهكذا حاول المخزن مقايضة مواقف مولاي العربي الدرقاوي عبر عطايا جزيلة مغرية؛ حيث خصص له السلطان مولاي الحسن منة حولية قدرها أربعون قنطارا من الحبوب، وكانت قيمة كل قنطار زهاء 1250 فرنكا فرنسيا؛ أي ما مجموعه خمسون ألف فرنكا فرنسيا في كل حول
([42])، وبذلك حاولت الأجهزة المخزنية أن تحتوي زاويتي ﮔـاوز ورحمة الله الدرقاويتين كما احتوت الزاوية الزروالية في القنادسة
([43]).
لكن هذه المحاولات المخزنية لم تحقق النجاحات المنتظرة منها بسبب اعتبارات موضوعيات وواقعية، أهمها تزايد حدة التغلغل الفرنسي في الحدود الجنوبية الشرقية، وخاصة في واحة توات. فازدادت بذلك خيبة القبائل الحدودية، وارتفعت حدة درجة احتقانها تجاه الأجهزة المخزنية المحلية والمركزية؛ مما حدا بقائد توات إلى طلب العون من الخليفة السلطاني مولاي رشيد في تافيلالت، حاثا إياه على ضرورة التعجيل بالقضية التواتية قبل فوات الأوان؛ بيد أن الوضع في تافيلالت كان يغلي فوق صفيح ساخن من جراء الفيضان المهول الذي خلفه وادي زيز في نهاية عام1886م/ 1305هـ الذي غمر العديد من القصور، وجرف المقابر، والأسوار، والحصون، والدور"ولم تبق بقعة إلا غرقت، ولا ساكنة إلا تحركت"
([44])؛ وتلاه في العام الموالي تعرض المنطقة لموجة جراد خطيرة لم تعرف نظيرا لها، أتت على الأخضر واليابس، ولم تترك للناس مزروعا ولا مغروسا إلا قضمته، فقلت المحاصيل وجاع الناس ووَبَأوا
([45] )، مما جعل كثيرا من الفئات المتضرر تتململ ضد مولاي رشيد، مطالبة المخزن بإعادة بناء قصورها وترميم أسوارها وحصونها، وتوفير ما يلزم من المؤن والحبوب والثمور، فكادت الهيعة أن تقوم لولا أن السلطان مولاي الحسن طمأن أهالي تافيلالت أنه سيزورهم في القريب العاجل
([46])، كما أعطى أوامره لخليفته مولاي رشيد بالعمل على البدء في ترميم ما دُمر، وإصلاح ما خُرب
([47] ).
كل هذه العوامل كانت تصب في صالح المسار الذي خطته الزاوية الدرقاوية لنفسها في علاقتها مع المجتمع القبلي والمخزن، فتقوى صفها، وانتشرت أفكارها وآراؤها، وعلت كلمتها، وباتت طريقتها تشكل تيارا سياسيا، وفكرا إيديولوجيا، يتعارض مع التصورات المخزنية فيما يتعلق بمعالجة القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لسكان الجنوب الشرقي.
هذه الأجواء المحتقنة في تافيلالت وضواحيها، لم يكن بمقدور الأجهزة المخزنية المحلية احتواؤها والسيطرة عليها، مما حتم على الجهاز المخزني التحرك بشكل مستعجل لتدارك الأمور قبل فوات الأوان؛ وبذلك نظم السلطان حركة عسكرية في اتجاه الديار الفيلالية، هدف من خلالها إلى تطييب الخواطر والتقليل من فورة السكان، وإرجاع المياه إلى مجاريها، وذلك إدراكا منه لمدى أهمية هذه المنطقة في ترسيخ دعائم حكمه؛ لذا زاوج في تعامله مع أهاليها -خلال هذه الزيارة وغيرها- بين أسلوبي الترهيب والترغيب؛ حيث ضرب خيام محلته أولا قرب قصري الريصاني وبوعام، وثانيا في المجال الممتد ما بين قصور الماطي، وتازكَزوت وزاوية سيدي الغازي. فأبدى للسكان حسن نيته في تعاطيه مع قضاياهم وشؤونهم؛ وذلك من خلال العطايا والهبات التي قدمها لهم والتي بلغت قيمتها مبالغ هامة جريا على عادة السلاطين العلويين الذين يبدلون سخاء كبيرا تجاه مهد دولتهم بتافيلالت
([48])، ناهيك عن اهتمامه بترميم القصبات وتشييد القصور والمساجد، ومساعدة الأهالي على مد السواقي وحفر الترع، وحمايتهم من هجمات القبائل المجاورة
([49]).
لكن هذه الزيارة السلطانية للريصاني لم تحقق نتائجها المرجوة بخصوص القضايا الحدودية، وخاصة مسألة توات التي وصلت إلى عنق الزجاجة، فكانت هذه الزيارة بمثابة صب الزيت على الفتيل داخل المجتمعات القبلية التي تعنيها الأزمة بشكل مباشر، والتي لم يبق أمامها سوى خيار الاعتماد على النفس والاستعداد للجهاد ومكابرة العدو النصراني، في الوقت الذي طفا على الساحة السياسية المغربية نقاش ساخن بخصوص الإصلاحات الجبائية الجديدة التي يعتزم السلطان إحداثها، ولا سيما مشروع "ضريبة الترتيب" الذي تم إعداده عام 1886م/1304هـ، الهادف إلى تضريب كافة الفئات الاجتماعية بما فيها الشريف والمشروف، يسهر عليه الأمناء والعدول بدل القياد والعمال؛ لكن هذا الإصلاح الضريبي سمي بـ"الإصلاح المستحيل"؛ نظرا إلى رفضه من قبل الشرفاء، والخاصة، والقياد، والعمال، والخلائف
([50])؛ كما أن المحميين والأجانب كان لهم النصيب الأوفى في إثناء السلطان عن هذا النظام بعد الضغط عليه من قبل الحكومات الأجنبية؛ كبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإسبانيا، وغيرها، التي كانت لها أطماع ومصالح كثيرة في الإمبراطورية الشريفة
([51]).
ازداد الوضع احتقانا في المغرب عامة وفي الجنوب الشرقي خاصة، وانعكس ذلك بشكل آلي على السلطة المخزنية في تافيلالت وضواحيها، ومنح الفئات المناوئة للمخزن فضاء أوسع وأرحب، وخاصة بالنسبة إلى الشيخ مولاي بلعربي الدرقاوي وأتباعه، وبعض القبائل الحدودية المتضررة من السياسة الفرنسية؛ مثل القبائل المنيعية والقبائل الخباشية، ناهيك عن الشيخ بوعمامة الذي ضيق عليه الفرنسيون كثيرا بالمناطق الحدودية المغربية-الجزائرية بعد بنائهم لسلسلة من المراكز العسكرية فوقها، مما دفع بوعمامة إلى التوجه نحو تافيلالت قادما إليها من تيكورارين، فحل ضيفا على الشيخ الدرقاوي بزاوية ﮔـاوز، هذا الأخير كانت رسائله تصل إلى بشار وفـﮔـيگ ووهران وغيرها من المناطق في المغرب وداخل الجزائر المحتلة، فطلب منه بوعمامة العون والمساعدة لحركته الجهادية ضد النصارى؛ لكن بوعمامة لم يفلح في تحقيق أهدافه من خلال هذه الزيارة نظرا إلى الشبهات التي كانت تدور حول حركته، وبفعل تقلبات مواقفه بين التعامل مع النصارى ومجاهدتهم، كما أن الضغط الذي مارسه الخليفة مولاي رشيد على الشيخ المدغري المعتل بزاويته، كان من العوامل التي أفشلت مساعي بوعمامة الذي عاد إلى تيكورارين خاوي الوفاض
([52]).
وفاة الشيخ الدرقاوي وقيادة تلامذته للمجتع القبلي جنوب شرق المغرب:
في هذه الظرفية الصعبة جنوب شرق المغرب، ألمت فاجعة كبرى بالمجتمع القبلي وبكافة العناصر الدرقاوية، بسبب وفاة شيخهم القطب مولاي محمد بلعربي الدرقاوي المدغري عام 1892م/1310هـ، فأحدثت وفاته ارتباكا في أحد أنشط فروع الطريقة الدرقاوية في كافة أنحاء الإمبراطورية الشريفة
([53])؛ لكن الذي زاد من هيعة أتباع الشيخ الدرقاوي هو ما وصى به أبناءه فيما يتعلق بقيادتهم للزاوية؛ حيث أمرهم بعدم تزعمها، كما ألح عليهم في التخلي عن قيادتها
([54])، وهو الأمر الذي جعل كل مريديه وتلامذته وأتباعه والقبائل المتعاطفة معه، يصابون بنوع من الذهول لغرابة هذا القرار وعدم واقعيته من جهة، ولخطورته من جهة ثانية؛ لأنه جاء في ظرفية دقيقة للغاية كان المجتمع القبلي في الجنوب الشرقي أحوج ما يكون لأبناء الشيخ؛ بغية قيادتهم وجمع كلمتهم أمام الضغط الفرنسي والتهديد المخزني المتزايدين
([55])، فساد كثير من الحزن والأسى كافة أتباع الطريقة الدرقاوية، سيما وأنها كانت قد تجذرت في عمق المجتمعات القبلية برمتها وذلك بتفريخها لما يربو عن ثلاث وأربعين زاوية انتشرت في دادس، وتودغة، وفركلة ومدغرة، والرتب، وبوذنيب، وفي أغلب القصور الفيلالية
([56]).

اعتقد المخزن المركزي والمحلي أن وفاة شيخ الزاوية الدرقاوية في تافيلالت سيهون عليه موقف القبائل في الجنوب الشرقي، فنظم السلطان مولاي الحسن زيارة لتافيلالت للمرة الثانية عام 
1893
([57])، حيث قام بمعاقبة الذين وردت عليه في شأنهم بعض المراسلات الخليفية؛ كالدرقاويين والمتعاطفين معهم، الذين باؤوا بسخطه وغضبه، فنكل بالكثير منهم، وانتقم منهم غاية الانتقام، إلى درجة أن مرافقه الطبيب الفرنسي ليناريس(Linares) وصف شيخ الزاوية الدرقاوية سيدي محمد بن أحمد أنه صار يعيش في حالة من العزلة والتهميش والمذلة في زاويته"مثل كلب في دار مهجورة"
([58]).
لكن السلطة المخزنية غاب عنها أن الفكر الدرقاوي الذي ثابر شيخ الزاوية الدرقاوية في تافيلالت على نشره، قد أثمر عددا هائلا من المريدين والأتباع المخلصين له غاية الإخلاص، والذين تمركزوا في الجنوب الشرقي، كل في مجال قبيلته، للعمل على استنهاض السكان على محاربة النصارى، ورفع راية الجهاد، وعدم الاعتراف بالسياسة المخزنية المهادنة للمستعمر؛ لذلك فرخ الجنوب الشرقي عددا لا يستهان به من رجال درقاوة الذين أسسوا جملة من الزوايا على الطريقة الدرقاوية، كزاوية دويرة السبع في المجال السغروشني التي أسسها زعيمها مولاي أحمد ولحسن السبعي السغروشني الذي يعتبر واحدا من التلامذة المخلصين للشيخ سيدي محمد بلعربي الدرقاوي
([59])؛ حيث تتلمذ على يده لأيام طويلة في زاوية رحمة الله بمدغرة وزاوية كَاوز في تافيلالت، وكانت له به معرفة شخصية دقيقة، وكان يكن له احتراما ما بعده احترام. ثم هناك زاوية فركلة بقيادة الفقيه الشيخ سيدي علي الهواري الذي كان من الأتباع المخلصين للشيخ المدغري
([60])، وزاوية تودغة التي كان يترأسها الفقيه أحمد المهدي الناصري
([61])، ناهيك عن زوايا أخرى في كل من بومالن دادس، وقلعة مكَونة، وكَلميمة، وقصر السوق، والريش وغيرها من المناطق الأطلسية التي تشبعت بالفكر الدرقاوي، وتأثرت به منهجا وسلوكا، سيما وأن بداية القرن 20 امتازت باقتحام الفرنسين للجنوب الشرقي المغربي، فتحول هؤلاء الفقهاء وشيوخ الزوايا إلى زعماء قبليين ورجال بارود، وأصبحوا قادة للمجتمعات المغربية جنوب شرق المغرب، وخاضوا معارك مشهورة في الهوامش الصحراوية، كما هو الحال بالنسبة إلى مولاي أحمد ولحسن السبعي، الذي قاد معركة عديدة، مثل معركة المنابهة، والمنكَوب، و بوذنيب، وبوعنان، والجرف، وإفري، ومسكي الأولى والثانية، والمعاضيد
([62] )، والذي استمر في قيادة المجاهدين ضد النصارى وكل من يسير في فلكهم إلى غاية 1917 عند ما سيطر الفرنسيون على الجنوب الشرقي المغربي بما في ذلك منطقة تافيلالت، قبل أن يتم طردهم منها في العام الموالي لتدخل الكثير من القبائل تحت سلطة متصوف آخر ذي نزوع سياسي، وهو مبارك بن الحيبن التوزونيني السوسي، ومن بعده خليفته بلقاسم النكَادي، وهما معا لم يخرجا عن الفكر الناصري والدرقاوي
([63]).
وبذلك يبدو أن الزاوية لعبت أدوارا حاسمة في تاريخ المغرب الحديث من خلال تأطيرها للمجتمع القبلي في الجنوب الشرقي المغربي لما يربو عن قرن من الزمن، واستطاعت أن تفرض نفسها على السلطة المخزنية محليا ومركزيا، كما أثرت بعمق على توجهات ومخططات السلطة الكلونيالية، التي اضطرت في كثير من الأحيان إلى تعديل استراتيجياتها وأهدافها بفعل الضغوط التي مارستها عليها مؤسسة الزوايا في مختلف المجتمعات القبلية.

الهوامش والإحالات:
[1]-Gabriel camps, Les Berbères: Mémoire et identité,2°Editions Errance, Paris, 1987, pp.143-195.
[2]-Terrasse H, Histoire du Maroc des origines à l’établissement du Protectorat, Casablanca, T.2, 1950, p.373.
[3]- هو أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلي، ولد في قبيلة غمارة عام 1196م، وله نسب إدريسي. درس بفاس، والتقى فيها بتلاميذ الشيخ أبي مدين، ثم سافر إلى بغداد، فأوصاه أبو الفتح الواسطي هناك بالعودة إلى المغرب حيث يوجد قطب صوفي يتولى مشيخته، فعاد إلى جبل لعلام، وأصبح التلميذ الوحيد لمولاي عبد السلام بن مشيش، فانتقل بعد ذلك إلى منطقة شاذلة في تونس، وقضى بها ردحا من الزمن حتى سمي باسمها، وصار يعرف بالشاذلي، وتوفي عام 1258م. انظر، زكية زوانات، ابن مشيش شيخ الشاذلي، ترجمة من الفرنسية إلى العربية أحمد التوفيق، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2006، ص ص127-128.
[4]-هو أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمان بن أبي بكر بن سليمان، بن داود، توفي عام 1465م، وهو من قبيلة جزولة بسوس الأطلس الصغير، درس بفاس بمدرسة الصفارين، ثم رحل إلى تونس والمشرق، وعاد بعد عدة أعوام إلى فاس، فألف كتابه "دلائل الخيرات" وبدأ ينشر طريقته في حاحا، فتجمع حوله آلاف المريدين؛ الشيء الذي أقلق خصومه الذين قاموا بقتله. نفسه، ص129.
[5]- Lmoubariki M, La résistance du Sud- Est Marocaine à la Pénétration Française 1906-1934, Thèse pour le Doctorat d’Histoire, Université Lumière Lyon II, Faculté de Géographie, Histoire, Histoire de l’Art et Tourisme, Année universitaire, ,1990-1991,( 2T). p.116.
[6]- Drague G, - Esquisse d’histoire religieuse du Maroc, Paris, 1951, p.50.
[7]- زكية زوانات، م.س. ص137.
[8]- نفسه، ص154.
[9]- أحمد التوفيق إينولتان، المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، ط.2، 1983.، ص368.
[10]- أحمد البوزيدي، درعة بين التنظيمات القبلية والحضور المخزني: دراسة في الحياة السياسية والاجتماعية، أطروحة لنيل شهادة دكتوراه الدولة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز، فاس، 2004، ج.1، ص247.
[11]-Michaux Béllaire, « Essai sur l’histoire des confréries marocaines», Hesperis,vol.1, 2éme trimestre, 1921 p.185.
[12]- Drague G, p.92.
[13]- الهادي الهروي، م.س. ص123.
[14]- زكية زوانات، م.س. ص ص119-120.
- Sallem Ben M’Barek," Les Drquaouas", in Bulletin de la sociologie et de la géographie du Maroc, n°2, octobre novembre, 1961, Casablanca, pp.6-7.
[15]-Ibid, p.7.
[16]-Bellaire Michaux, Essai sur l’histoire des confréries marocaines, in Hesperis, T. 1, 2éme trimestre; 1921, p.156.
[17]- يعتبر مولاي عبد السلام بن مشيش هو مؤسس التصوف في المغرب، عاش ما بين 560-625 هـ/ 1165-1228 م، وكان له تلميذ وحيد هو أبو الحسن علي الغماري الزروالي الشاذلي الذي ورث أسراره الروحية والصوفية، والذي نحول إلى قطب من أقطاب التصوف في العالم الإسلامي في المشرق والمغرب، وتوفي في مصر عام 656 هـ/ 1258 م. انظر زكية زوانات، م.س. ص127-128.
[18]- حول الدور الجهادي للطريقة الدرقاوية والعلماء والمتصوفة في تافيلالت، ينظر محمد بوكبوط، مقاومة الهوامش الصحراوية للاستعمار ( 1880-1938) : صفحات مجهولة من صمود قبائل التخوم الشرقية من تافيلالت إلى وادي نول، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، 2005، ص ص9-22.
[19]- يعرف سيدي محمد بن العربي بين أهالي تافيلالت بـ"سيدي محمد بلعربي" ولذلك سنستعمل هذا الاسم كما تحدثت عنه الرواية الشفوية.
[20]- Drague G, Esquisse d’histoire religieuse du Maroc, Paris, 1951, p.285.
[21]- محمد بوكبوط، م.س. ص10، نقلا عن أحمد بن قاسم المنصوري، كباء العنبر من عظماء زيان وأطلس البربر، مخطوط حققه محمد بن لحسن، في إطار أطروحة دكتوراه دولة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بني ملال، 1997، ص392، ونشرته المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، الرباط، 2004.
[22]-Odinot, Paul, L’importance politique de la confrérie Drqaoua, Résidence générale, n°.5, mai, 1929, p.294.
[23]-De Foucauld Charles, Reconnaissances au Maroc 1883-1884, Challemel, 1888, p.352.
[24]- Odinot, Paul, op.cit, p.293-295.
[25]- محمد بوكبوط، م.س. ص10.
[26]-نفسه.
[27]- نفسه، ص13.
[28]- نفسه، ص11.
[29]-نفسه.
[30]-يورد محمد المباركي في هذا السياق رسالة مطولة للشيخ سيدي محمد العربي الدرقاوي مؤرخة بعام 1887م ومسجلة بالخزانة العامة تحت رقم D3353، كلها تحريض على الجهاد وحث للناس على التصدي للنصارى وعدم الاكتراث بالتعاليم المخزنية الرسمية الخنوعة والذليلة، كما أن الرسالة متضمنة لأبعاد دينية محفزة للمجاهدين على الشهادة في سبيل الله. انظر نص الرسالة عند :
Lmoubariki M, op.cit, p.120.
[31]-Ibid, p.121.
[32]-Lacroix N, Les Derkaoua d’hier et d’aujourd’hui, essai historique, Alger, 1902, p.20.
[33]-Jacques Berque, L’intérieur du Maghreb XV-XIV siècle, édition Gallimard, 1978,564 p), p.494.
[34]- انظر نص الرسالة التي بعثها السلطان مولاي الحسن إلى المفوض الفرنسي شارل فوري على يد النائب السلطاني بطنجة السيد محمد الحاج الطريس، أوردها الأستاذ محمد بوكبوط، م.س. ص13.
[35]- نفسه، ص 24.
[36]-نفسه، ص 24.
[37]- تحت يدنا وثيقة تجديد عهد "الخاوا" بين قصر أولاد عبد الرحمان في الغرفة وأهل تحموت من آيت خباش، ثم وثيقة "الخاوا" والعهد بين بعض القبائل الخباشية. الوثيقتان معا عثرت عليهما في قصر مرزوكَة.
[38]- تحت يدنا رسالة بعث بها أحد قياد السلطان المولى الحسن إلى الأجهزة المخزنية بفاس يطلب منها أن تمده بالعون اللازم للتغلب على آيت عطا وآيت مرغاد وآيت حديدو وآيت ازدگ، ويستنجد بالمخزن ليقدم له المدد الضروري لتموين الحركة العسكرية ضد العصاة، وإلا فإن القبائل المتمردة سوف تزحف نحو القصابي وميسور ووطاط الحاج وتقضي على أمال المخزن في السيطرة على هذه المناطق (توجد نسخة من هذه الوثيقة بمركز الدراسات والبحوث العلوية بالريصاني).
[39]-رسالة مخزنية توجد منها نسخة بنفس المركز.
[40]-رسالة من السلطان المولى الحسن الأول إلى سكان تافيلالت تبين موقف السلطان من مولاي بلعربي الدرقاوي، وهي رسالة أوردها محمد المباركي في المرجع السالف الذكر، انظر :
Lmoubariki M, op.cit, p.497.
[41]- محمد بوكبوط، م.س. ص9.
[42]- De Foucauld Charles, Reconnaissances au Maroc, Paris, 1888, p.352.
[43]- هذه الزاوية أسسها زعيمها الروحي الشيخ محمد بن عبد الرحمان بن بوزيان المنحدر من السلالة الإدريسية، والذي عاش في نهاية القرن 17م، وتوفي عام 1733م/1146هـ. وتعتبر هذه الزاوية امتدادا طبيعيا للزاوية الناصرية في تامـﮔـروت؛ على اعتبار أن مؤسسها الأول سيدي محمد بن عبد الرحمان، تتلمذ لمدة طويلة على يد شيخ الزاوية الناصرية المقدم سيدي مبارك بن عبد العزيز. بعد وفاة سيدي محمد بن عبد الرحمان الزياني تعاقب أبناؤه على زعامة الزاوية الزروالية في القنادسة بدءا بمحمد الأعرج( 1773-1781)، ثم ابنه أبو مدين (1881-1799)، ثم عبد الله بن أبي مدين(1799-1825) فخلفه ابنه أبو مدين بن عبد الله (1825-1853)، ثم انتقلت قيادة الزاوية لأبى محمد بن محمد بن مصطفى بن محمد أخ أبي مدين(1853-1855) ليأتي بعده مقدم جديد الذي قاد زاوية القنادسة لأطول مدة قاربت نصف قرن وهو سيدي محمد بن عبد الله (1855-1900) الذي خلفه ابنه سيدي إبراهيم لمدة عشرين سنة (1900-1920).
انظر :
-Voinot L , "Confrérie et Zaouïas au Maroc", in Bulletin de la sociologie et de Géographie et d’archéologie d’Oran, T.58, mars, 1937, pp. 56-20 p.39-40.
- Drague G, op.cit. p.76.
[44]- تحت يدنا رسالة من الخليفة السلطاني مولاي الرشيد إلى السلطان مولاي الحسن بمناسبة الفيضانات المهولة التي عمت قصور تافيلالت عام 1302هـ. توجد نسخة من هذه الرسالة بمركز الدراسات والبحوث العلوية بالريصاني.
[45]-العربي اكنينح، آثار التدخل الأجنبي على علاقة المخزن بالقبائل في القرن التاسع عشر : نموذج قبيلة بني مطير(آيت نطير)، ط1، فاس، 2004. ص353.
[46]-رسالة من السلطان الحسن الأول إلى خليفته في تافيلالت مولاي رشيد مؤرخة بتاريخ 4 ربيع الأول عام 1302هـ، الوثائق الملكية، سجل 19627، توجد نسخة منها بمركز الدراسات والبحوث العلوية بالريصاني.
[47]- وثيقة بالمركز نفسه.
- وثيقة بالمركز نفسه.
[48]-وصل مجموع النفقات التي صرفها المولى الحسن أثناء زيارته لتافيلالت عام 1893م إلى 150000 مثقال، انظر : محمد حمام : "قراءة في كتاب السفر إلى تافيلالت معية صاحب الجلالة مولاي الحسن، سنة 1893، لمؤلفه الدكتور فرناند ليناريس"جامعة مولاي علي الشريف الخريفية، (أعمال الدورة السابعة، الشطر الأول)، مركز الدراسات والبحوث العلوية، الريصاني، دجنبر، 1997، ص141-151.
[49]- Lmoubariki M, op.cit, p.103.
[50]-Ben Srhir Khalid,"L’impossible réforme, le programme de John Drummond Hay (1856-1886)", in Hesperis Tamuda, volume XXXIXX, fasc. 2, 2001, pp.71-84.
[51]-Kenbib M, Les Protégés, contribution à l’histoire contemporaine du Maroc, Publications de la Faculté des Lettres et Sciences Humaines, Rabat, 1996, pp.125-136.
[52]- محمد بوكبوط، م.س. ص25.
[53]- Lacroix N.op.cit, p.20.
[54]-Ibid, p.21.
[55]-Idem.
[56]- Ibid, p.22.
[57]- انظر تفاصيل هذه الزيارة عند :
Linares D. F. «Voyage au Tafilalet avec S.M le Sultan Moulay Hassan en 1893», in Bulletin de l’institut d’hygiène du Maroc, n° 3-4, 1932. pp. 93-116
[58]- Ibid. p.33.
[59]- من بين الذين تأثروا بالفكر الدرقاوي، وتركوا بصماتهم في تاريخ الجنوب الشرقي المغربي في نهاية بداية القرن 20، نجد كلا من الشيخ زين العابدين الكونتي، وسيدي محمد التالتفراوتي، ومولاي مصطفى الحنفي، ثم مولاي أحمد ولحسن السبعي السغروشني. حول هذه الزعامات القبلية، انظر : عبد الله استيتيتو دور تافيلالت في تنظيم العلاقات بين المجتمع القبلي والمخزن والمستعمر، (1873-1932) : دراسة في إشكالية العلاقات السياسية والوقائع الاجتماعية والتاريخية، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ساياس- فاس، 2007، صص 199-203.
[60]- حول الفقيه سيدي علي الهواري، انظر : الفقيه أحمد المهدي الناصري، نعت الغطريس الفسيس هيان بن بيان المنتمي إلى السوس، مخطوط تم تحقيقه ودراسته من قبل نصر الدين خالد الناصري الذي تقدم به لنيل شهادة الدكتوراه في الآداب، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز، فاس، 2002.
[61]- نفسه، انظر أيضا، محمد المختار السوسي، المعسول، ج.16، الدار البيضاء، 1961.
[62]- حول المعارك التي خاضها رجال الزوايا ضد المستعمر جنوب شرق المغرب، ينظر أطروحتنا، م.س. ص ص 199-251، 274-280.
[63]-نفسه.
إنجاز الأستاذ الباحث : عبد الله استيتيتو

Friday, January 6, 2012

فوائد في أسماء بعض الجن والشياطين

فوائد في أسماء بعض الجن والشياطين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ..
فقد اشتهر في كثير من المنتديات أسماء منسوبة لإبليس الشيطان الرجيم لا أصل لها في الكتاب والسنة الصحيحة ..
ومن هذا ما نقلته كثير من المواقع ، وهي كما جاءت كالتالي :
ولهان : للوسوسة في الطهارة وفي الصلاة .
أبيض : للوسوسة إلى الأنبياء ولإثارة الغضب .
ثبر : ليزين للمصاب بمصيبة خمش الوجه وشقّ الجيب ولطم الخد .
أعور : لتحريك الشهوات لدى الرجال والنساء ودفعهم للزنا .
داسم : لإثارة الفتن في البيت بين أهله .
مطرش : لإشاعة الأخبار الكاذبة .
دهار : لإيذاء المؤمنين في النوم بواسطة الأحلام المرعبة والاحتلام مع النساء الأجنبيات.
تمريح : لإشغال وقت الناس عن أداء واجباتهم .
لاقيس : بنت إبليس التي علمت نساء قوم لوط السحاق بعد أن اشتغل الرجال بالرجال منهم ، وما زالت وظيفتها إلى الآن إضلالهن بالسحاق .
مقلاص : لتزيين أمر القمار والمتقامرين ثم إيقاع العداوة والبغضاء بينهم .
اقبض : واجبه وضع البيض إذ يضع في اليوم ثلاثين بيضة ، عشرة في المشرق وعشرة في المغرب وعشرة في وسط الأرض فيخرج من كل بيضة عدد من الشياطين والعفاريت والجان وجميعها أعداء الإنسان . انتهى
ومثل هذا أيضا ما جاء في حياة الحيوان الكبرى (1/207) للدميري ، قال :
قال النووي رحمه الله : إبليس كنيته أبو مرة .
وقيل : إن الشياطين فيهم الذكور والإناث، فيتوالدون من ذلك، وأما ابليس فإن الله تعالى خلق له في فخذه اليمنى ذكراً وفي اليسرى فرجاً فهو ينكح هذا بهذا فيخرج له كل يوم عشر بيضات، يخرج من كل بيضة سبعون شيطاناً وشيطانة،
وذكر مجاهد أن من ذرية إبليس لاقيس وولهان، وهو صاحب الطهارة والصلاة والهفاف. وهو صاحب الصحارى ومرة وبه يكنى وزلنبور، وهو صاحب الأسواق يزين اللغو والحلف الكاذب، ومدح السلعة، وبثر وهو صاحب المصائب، يزين خمش الوجوه ولطم الخدود ودوشق الجيوب، والأبيض وهو الذي يوسوس للأنبياء عليهم السلام، والأعور وهو صاحب الزنا ينفخ في احليل الرجل وعجز المرأة، وداسم وهو الذي إذا دخل الرجل بيته ولم يسلم ولم يذكر اسم الله تعالى دخل معه ووسوس له فألقى الشر بينه وبين أهله، فإن أكل ولم يذكر اسم الله أكل معه، فإذا دخل الرجل بيته ولم يسلم ولم يذكر اسم الله تعالى ورأى شيئاً يكرهه وخاصم أهله فليقل داسم داسم أعوذ بالله منه، ومطوس وهو صاحب الأخبار يأتي بها فيلقيها في أفواه الناس، ولا يكون لها أصل ولا حقيقة، والاقنص وأمهم طرطبة، وقال النقاش: بل هي حاضنتهم ويقال: إنه باض ثلاثين بيضة عشر في المغرب وعشر في المشرق وعشر في وسط الأرض وانه خرج من كل بيضة جنس من الشياطين كالغيلان والعقارب والقطارب والجان وأسماء أخرى مختلفة. اهـ
وهو كلام لا أصل له .. وفيه ما سنذكره .. على أن الأثر جاء عن مجاهد ببعض هذا ..
فأقرب ما ورد في أسماء أولاد إبليس ما جاء عن مجاهد فيما رواه أبو الشيخ وابن أبي الدنيا عنه في تفسير قوله عز و جل ) أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ( قال : باض إبليس خمس بيضات زلنبور وداسم وثبر ومسوط والأعور .. فأما الأعور فصاحب الزنا ، وأما ثبر فصاحب المصائب ..
وأما مسوط فصاحب أخبار الكذب يلقيها على أفواه الناس ولا يجدون لها أصلا ، وأما داسم فهو صاحب البيوت إذا دخل الواحد بيته ولم يسلم دخل معه وإذا أكل ولم يسم أكل معه ويريه من متاع البيت ما لا يحصى موضعه ، وأما زلنبور فصاحب الأسواق يضع رايته في كل سوق بين السماء والأرض .
رواه أبو الشيخ في العظمة (5/1683 ) عن ابن جريج عنه والطبري في تفسيره (15/262) وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (5/403) ورواه ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان ( 1/54) عن محمد ابن طلحة عن زبيد بن الحارث عن مجاهد ، وسنده مقارب إن شاء الله .
قصة لاقيس بن إبليس
أما عن لاقيس ابن إبليس فيه قصة رواها البيهقي وغيره عن ابن عمر قال :
قال عمر رضي الله عنه :
بينا نحن قعود مع النبي r على جبل من جبال تهامة إذ أقبل شيخ بيده عصا ..
فسلم على النبي r فرد عليه السلام ثم قال : نغمة جن وغمغمتهم ،، من أنت ? قال : أنا هامة بن هيم بن لاقيس بن إبليس قال رسول الله r : فما بينك وبين إبليس إلا أبوان ،، فكم أتى عليك من الدهور ? قال أفنيت الدنيا عمرها إلا قليلاً ، ليالي قتل قابيل هابيل كنت غلاماً ابن أعوام أفهم الكلام وأمر بالآكام وآمر بفساد الطعام وقطيعة الأرحام .. الخ .. الحديث بطوله ولا يصح .
رواه البيهقي في دلائل النبوة والفاكهي في أخبار مكة 6/71 وأخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير (1/98) وأورده الذهبى فى ميزان الاعتدال (1/337) وابن حجر فى اللسان (1/355) وقال : هذا حديث ليس له أصل ولا يحتمل أبو معشر مثل هذا الحديث ، وإن كان فيه لين . والحمل فيه على إسحاق. وقال الحافظ أيضا: وحديث هامة إذا كان محمد بن أبي معشر وغيره قد تابع الكاهلي عليه فكيف يكون الحمل على الكاهلي ؟ والحمل فيه حينئذ على أبي معشر. ويروى من حديث ابن عباس، أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (4/14-15) من طريق مسلم الطائفي، عن عزير بن الجُرَيجي، عن ابن جريج، عن عطاء، عنه . والحديث مروي أيضا عن أنس بن مالك ، أخرجه العقيلي في الضعفاء (4/96) وابن أبي الدنيا في الهواتف (ص77-78) وابن ماجه في التفسير كما في "تهذيب الكمال" (25/481) وعبد الله بن أحمد في زيادات الزهد، وابن مردويه في التفسير كما في الإصابة (6/518) وقال العقيلي: كلا الإسنادين غير ثابت ولا يرجع منهما إلى صحة وليس للحديث أصل.
هجين الجن والإنس
قال أبو منصور الثعالبي في فقه اللغة : ويقال للمتولد بين الإنسى والجنية الخس وللمتولد بين الآدمى والسعلاة العملوق .
وقال يسرة بن صفوان عن أبى معشر المدنى عن إسحاق بن عبد الله بن أبى فروة : من لم يبال ما قال و لا ما قيل له فهو لشيطان أو ولد غية .
وهذا الكلام ليس من التحقيق في شيء .. وقد أوضحنا الكلام على التوالد بين الجنسين والتزاوج بينهما في مقال ( جماع الجن لنساء بني آدم ) وقد أثبتنا جواز جماع الجني لبنات آدم مع زوجها إذا لم يسمي عند الجماع تماشيا مع النص الوارد وتفسيره ، أما التزاوج والتوالد ففيه كلام .. والله أعلم .
بعض أسماء إبليس والشياطين والجان
من أسمائه : إبليس والشيطان والرجيم وعزازيل والوسواس ..
فأما إبليس والشيطان والرجيم فقد مرا في مقالنا ( كيف تنضي شيطانك ) ، وعزازيل صح من كلام ابن عباس والوسواس الخناس سيأتي ..
وقد توسع البعض في ذكر أسماء للشيطان أو لبعض الشياطين ما أنزل الله بها من سلطان ، وغالب ما جاءت بها هذه المسميات في أحاديث ضعيفة منكرة ، وبعضها من اجتهاد علماء اللغة بلا دليل صحيح عليه ..
ونحن هنا بإذن الله جمعنا ما تحصلنا عليه من الأسماء المنسوبة للشيطان الأكبر إبليس أو لبعض بنيه أو لبعض الجن والشياطين .. ونحذر أن أكثر هذه المسميات لم يصح عليه دليل .. وسننبه على ذلك بإذن الله تعالى .
قال الإمام السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن :
وفيه – أي القرآن - من أسماء الجن أبوهم إبليس وكان اسمه أولا عزازيل أخرجه ابن أبي حاتم وغيره عن ابن عباس .
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : كان اسم إبليس الحارث ..
وقال بعضهم : هو معنى عزازيل .
وقال ابن عساكر : قيل في اسمه قترة حكاه الخطابي وكنيته أبو كردوس وقيل أبو قترة وقيل أبو مرة وقيل أبو لبينى حكاه السهيلي في الروض الأنف . اهـ
وقال ابن حجر في فتح الباري باب صفة إبليس : ومن أسمائه الحارث والحكم وكنيته أبو مرة وفي كتاب ليس لابن خالويه كنيته أبو الكروبيين . اهـ
وقال السهيلي في الروض الأنف :
وروى أبو الأشهب عن الحسن قال : لما بويع لرسول الله r بمنى صرخ الشيطان فقال رسول الله r : هذا أبو لبينى قد أنذر بكم فتفرقوا . اهـ
وحديث الحسن هذا مرسل وهو من أقسام الضعيف ، وفي كلام ابن حجر والسهيلي مجازفة ، وسيأتي التعليق على ما ذكراه من أسماء إبليس .
الوسواس
بكسر الواو الأولى مصدر وبفتحها الاسم وهو من أسماء الشيطان كما عند جمهور المفسرين وأهل اللغة .. قالوا : والوسواس من أسماء الشيطان ويحتمل أن يكون مصدرا وصف به الموسوس على وجه المبالغة كعدل وصوم أو على حذف مضاف تقديره ذي الوسواس .
انظر المحرر الوجيز 7/69 وتفسير الثعالبي 4/453 والتسهيل لعلوم التنزيل 3/379.
صبا وحرب ومرة وخناس
جاء عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ، قال :
قال رسول الله r : لا تسموا صبا ولا حرب ، ولا مرة ، ولا خناس ؛ فإنها من أسماء الشيطان. ولا يصح حديثه .
حديث مقطوع رواه ابن وهب في جامعه 1/67 عن محمد بن عبد الرحمن وهو ممن عاصر صغار التابعين فكيف يرفعه ؟ وفي سنده ابن لهيعة وأمره معروف.
الخيتعور والشيصبان والبلأز والجلأز والجان والقان
جاء في تهذيب اللغة : شصب : عن الفراء، عن الدُّبيريِّين، قالوا هو الشيطان الرجيم، والخيتعور، والشَّيْصَبَان والبلأز والجلأز والجانُّ، والقانُّ كلها من أسماء الشيطان . والشَّيْصَبان أَبو حَيّ من الجِنِّ .
وفي لسان العرب لابن منظور عن ابن الأَعرابي قال :
من أَسماء الشيطان الدُّلَمِز والدُّلامِز. الخ .. ولا دليل على هذا كله .
انظر تهذيب اللغة 4/83 و لسان العرب 1/495 و 5/348 تاج العروس 1/623.
الحارث
وذكر أهل العلم أن من أسماء إبليس الحارث كما قال ابن حجر في الفتح :
ومن أسماء إبليس : الحارث والحكم ، وكنيته أبو مرة . اهـ
ولم يصح حديث مرفوع أن الشيطان اسمه الحارث وإنما جاء بسند صحيح عن مجاهد وقتادة كما سيأتي في قصة آدم والشيطان بإذن الله ..
ومع ذلك ، فإن اسم الحارث من أصدق الأسماء ، لما جاء عن أبي وهب الجشمي قال : قال رسول الله r : أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ، وأصدقها حارث وهمام ، وأقبحها حرب ومرة .
رواه أبو داود 4950 والبخاري في الأدب المفرد 814 وسنده صحيح
قترة - أبو قترة
روي في الحديث : تعوذوا بالله من الأعميين ، ومن قترة وما ولد .
قال الخطابي : يريد بالأعميين : الحريق والسيل ؛ لأنهما لا هداية لهما ..
وقترة بكسر القاف وسكون المثناة من أسماء إبليس ، وقيل : كنيته أبو قترة .
وقال أبو نصر الجوهري : وقترة من أسماء إبليس وقيل كنيته أبو قترة .
قلت : حديث " من شر أبى قِتْرة وما ولد " لا يصح مرفوعاً ولا موقوفاً .
انظر الجامع الكبير للسيوطي (1/4160) ورواه أبو نصر السجزى فى الإبانة عن أبى أمامة وقال غريب وفيه جعفر بن جسر بن فرقد عن أبيه وهما ضعيفان . وجاء عن ابن عباس أخرجه أبو يعلى (2417) والطبرانى فى الأوسط (6093) وقال الهيثمى (5/110) رواه أبو يعلى ، والبزار ، والطبرانى فى الأوسط وفيه ليث بن أبى سليم ، وهو مدلس ، وبقية رجال أبى يعلى رجال الصحيح . وأخرجه ابن أبى الدنيا فى كتاب المرض والكفارات (ص 148) ، والديلمى (4/330) وذكره البوصيري في اتحاف المهرة بزوائد العشرة في كتاب الرقى والتمائم عن ابي يعلى . ورواه محمد ابن فضيل الضبي في الدعاء 1/135 من طريق ليث بن أبي سليم .. فالحديث لا يصح بكل رواياته والله أعلم .
أبو الكروبيين وأبو لبيني وأبو مرة
لا دليل عليه إلا ما ذكره ابن حجر عن ابن خالويه في كتاب ليس ، وما ذكره السهيلي في الروض الأنف وقد مر كلامهما .
السفيف
جاء في كتب اللغة أيضاً عن أبي عمرو قال: والسَّفِيفُ اسم من أَسماء إبليس وفي نسخة السَّفْسَفُ من أَسماء إبليس .. وهو من كلامهم ولا دليل عليه .
انظر تاج العروس 1/5915 وتهذيب اللغة 4/247 ولسان العرب لابن منظور 9/152 والعباب الزاخر للصاغاني 1/434 .
المذهب
قال ابن الأعرابي : يقال للموُسْوِس : المذْهِبُ . ويقال : هو اسم شَيطان .
وعن الفراء قال : المُهْذِب : السريع وهو من أسماء الشيطان ..
ويقال له المُذهِب : أي المُحَسِّن للمعاصي .
انظر لسان العرب 1/782 وتهذيب اللغة 2/323 .
وقال الليث وغيره : الإهذاب السُّرعة في العَدْو والطَّيَران ، وإبِلٌ مهاذِيبُ أي سِراع . اهـ وهذا الاسم أيضاً ليس عليه دليل .
إفرج
بكسر الألف وهي طلب الفرج ، وتسمية الشيطان به من شطحات الصوفية كما في تلبيس إبليس لابن الجوزي ، قال : ذكر أبو نصر السراج في كتاب لمع المتصوفة قال : كان سهل بن عبد الله إذا مرض أحد من أصحابه يقول له :
إذا أردت أن تشتكي فقل أوه فهو اسم من أسماء الله تعالى يستريح إليه المؤمن ، ولا تقل إفرج فانه اسم من أسماء الشيطان .
وانظر تعليق ابن الجوزي على هذه الترهات والعجائب المنكرة في تلبيس ابليس (1/423).
أزب ابن أزيب
روى أحمد من حديث كعب بن مالك قال : كان أول من ضرب على يد رسول الله r البراء بن معرور ثم تبايع القوم فلما بايعنا رسول الله r صرخ الشيطان بأنفذ صوت سمعته ؛ يا أهل الحباحب ؛ هل لكم في مذمَّمٍ والصباة معه قد أجمعوا على حربكم قال : ما يقول محمد ؟ قال : فقال رسول الله r : هذا أزب العقبة هذا ابن أزيب ، أتسمع أي عدو الله ؟ أما والله لأفرغن لك .. الحديث .
رواه أحمد 3/460 وقال الهيثمي في المجمع 6/49 : رجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع . قلت : وصححه الأرناؤوط في تحقيقه على زاد المعاد .
وذكر ابن قتيبة في غريبه حديث ابن الزُبير أَنَّه خَرج فباتَ القَفْر فلمَّا قام ليرحل وَجَد رجُلاً طُولُه شِبْران عَظيِم اللَّحيْة على الوَليَّة فنَفَضها فوقَع ثم وضعّها على الرّاحِلَة وجاء وهو القِطْع فنفَضه فوقع فوَضعه على الرّاحلة وجاء وهو بين الشَّرْخَيْن فنفض الرَّحْل ثم شدَّه وأخذّ السَّوْط ثم أَتاه فقال : من أَنت ؟ قال : أَنا أزبّ . قال : وما أَزب ؟ قال رجُل من الجِنَ . قال : اِفْتح فاَك أنظر . ففتَح فَاهُ فقال أَهكذا حُلوقُكم ؟ لقد شَوَّه اللّه حِلوقْكم ثم قلَب السَّوطْ فَوضَعه في رأْس أَزب حتى باص .. حَدَّثنيه عبد الرحمن وسهْل عن الأصمعي عن يعْلَي بن عُقْبة شيخ من أَهل المدينة مولى لآل الزبير إلا أَنَّهما قالا حتى سَبَقَه وقال غَيرُهما حتى باصَ
وقال عبد الرحمن : أهكذا خُلوقكم ؟ بالخاء معجمة . وقال سهل : حُلوقكم .
الوَليَّة البَرْدعة . والقِطْع : الطِّنْفسة تكون تحت الرَجْل على كتَفِيَ البَعير والجميعُ قُطُوع . غريب الحديث (2/444) والنهاية في غريب الأثر (1/93) ولسان العرب (1/212).
خنزب
وقد جاء ذكره في صحيح مسلم كما سيأتي إن شاء الله تعالى وهو الذي يوسوس للإنسان في الصلاة ليشغله عنها .
الولهان
روى أحمد والترمذي عن أبي بن كعب عن النبي r قال : للوضوء شيطان يقال له الولهان فاتقوه أو قال فاحذروه .
ورواه البيهقي عن الحسن من قوله فقال : عن سفيان عن بيان عن الحسن قال : شيطان الوضوء يدعى الولهان يضحك بالناس في الوضوء ..
وهذا هو الصحيح .. أي أنه من قول الحسن البصري رحمه الله .
الحديث المرفوع رواه أحمد 5/136 والترمذي 1/84 والبيهقي 1/197 والحاكم 1/267 وأبو داود الطيالسي في مسنده 1/74 كلهم من طريق خارجة بن مصعب وهو ضعيف.. وقال الترمذي : وقد روي هذا الحديث موقوفا على الحسن ولا يصح في هذا الباب عن النبي r شيء .
وجاء عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد قال : كان يقال أن للماء وسواسا فاتقوا وسواس الماء .
فلعل هذا كان مشهورا عند السلف وقد جاء في مسائل عبد الله بن أحمد بن حنبل أن أباه نهاه عن كثرة الوضوء ، وقال له : يقال إن للوضوء شيطاناً يقال له : الولهان .
ومعلوم بداهة أن الإسراف في الماء والوسوسة فيه من الشيطان .. والله أعلم .
الأجدع
جاء عن مجالد عن الشعبي عن مسروق قال : قال لي عمر ما اسمك ؟
قلت : مسروق بن الأجدع ، قال : الأجدع شيطان ، أنت عبد الرحمن .
ورواه عبد الله بن أحمد من طريق جابر الجعفي .
العلل ومعرفة الرجال 1/144 وتاريخ بغداد للخطيب 13/232 وابن عساكر في تاريخ دمشق 57/404 والطبقات لابن سعد 6/76 وانظر الإصابة 6/292.
الحباب
في المصنفان عن عروة بن الزبير مرسلا أن رجلا كان اسمه الحباب فسماه رسول الله r عبد الله ، وقال : الحباب شيطان .
أخرجه ابن أبي شيبة (8/664) وعبد الرزاق (11/40) من طريق هشام عن أبيه مرسلا .
وجاء عن خيثمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال : دخلت على النبي r فقال لأبي : هذا ابنك ؟ قلت : نعم . قال : ما اسمه ؟ قال : الحباب .
قال : لا تسمه الحباب فإن الحباب شيطان ، ولكن هو عبد الرحمن .
فذكر الحديث وهو ضعيف .
قال الهيثمي في المجمع (8/98) رواه الطبراني ، وفيه السري بن إسماعيل وهو متروك .
أشهب
صح عن ابن عمر فيما رواه ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : عطس رجل عند ابن عمر فقال أشهب ! قال ابن عمر : أشهب اسم شيطان وضعه إبليس بين العطسة والحمد لله ، ليذكر .
صحيح عنه رواه ابن أبي شيبة 5/270 من طريق أبي المنبه وهو عمر بن مزيد وثقه ابن معين كما في الجرح والتعديل 6/135.
شهاب
كان اسما لصحابيين فغير النبي الله صلى الله عليه وسلم اسميهما ولم يذكر أنه من أسماء إبليس ..
قال ابن حجر في الإصابة (3/363) : شهاب بن خرفة غير النبي صلى الله عليه وسلم اسمه فقال أنت مسلم بن عبد الله يأتي إسناده في الميم إن شاء الله تعالى.
وقال في (3/364) : شهاب بن عامر الأنصاري هو هشام يأتي ذكره غيره النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى البخاري في الأدب المفرد (1/287) : عن عائشة رضي الله عنها : ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له شهاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أنت هشام . وحسنه الشيخ الألباني .
وفي الاصابة (6/545) : عن زينب بنت سعد عن أبيها أن جدها وهو هشام بن عامر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكتل من تمر فقال ما اسمك قال اسمي شهاب قال ان شهابا اسم من أسماء جهنم أنت هشام . وهو شاهد لحديث البخاري في الأدب المفرد .
قوس قزح
جاء عن أبي رجاء العطاردي عن ابن عباس أن النبي r قال : لا تقولوا قوس قزح فإن قزح شيطان ولكن قولوا قوس الله عز وجل فهو أمان لأهل الأرض من الغرق .
وهو حديث موضوع كما بينه الأئمة .
وأنظره في الحلية (2/309) والخطيب في تاريخ بغداد (8/452) والعقيلي في الضعفاء (2/88) وعلة هذا الحديث زكريا بن حكيم الحبطي قال فيه علي بن المديني: هالك كما في لسان الميزان (2/478 ) وقال الألباني : موضوع كما السلسة الضعيفة (872) وانظر الفائق في غريب الحديث والأثر (3/190 ) والنهاية في غريب الأثر(4/84) .
وقال الأزهري في تهذيب اللغة (1/449) : وقوس قزح طريقة متقوسة في السماء غب المطر أيام الربيع .
وفي النهاية لابن الأثير : قيل سُمّي به لتَسْويله للناس وتَحْسينه إليهم المَعاصي من التَّقزِيح وهو التَّحْسِين ، وقيل : من القُزَح وهي الطرائق والألوانُ التي في القَوْس الواحدة : قُزْحة أوْمِن قَزَح الشيءُ إذا ارتفع وقالوا : قَوْس اللّه أمانٌ من الغرق .
علوان وحمدون وتعموس أو نغموش
في الموضوعات لابن الجوزي : أن النبي نهى عن التسمية بـ : علوان أو حمدون أو تعموس ، وقال : هذه أسماء الشياطين .
قال ابن الجوزي : هذا حديث لا يشك في وضعه ولا نتهم به غير إسحاق بن نجيح فإنهم أجمعوا على أنه كان يضع الحديث .
انظر الموضوعات 1/158 واللآليء المصنوعة 1/98 والكامل لابن عدي (1/331) .
هياه
جاء في كتب اللغة أن هياه من أسماء الشياطين ،، ولا دليل عليه .
انظر تهذيب اللغة 2/390 ولسان العرب 13/552 وتاج العروس 1/8254 .
ويه اسم شيطان
وذكر السيوطي في تدريب الراوي ( 1/400 ) : عن إبراهيم بن أدهم قال : ويه اسم شيطان . نقله السيوطي عن ابن حجر بسنده .
وفي معجم الأدباء (1/40) ذكر ما قاله نفطويه في ابن دريد لما صنف كتاب الجمهرة يصرح أنه ليس له ، فقال :
إبن دريد بقره وفيه لؤم وشره .. قد ادعى بجهله جمع كتاب الجمهرة .. وهو كتاب العين إلا أنه قد غيره.
فبلغ ذلك ابن دريد فقال يجيبه :
لو أنزل الوحي على نفطويه ... لكان ذاك الوحي سخطاً عليه
وشاعر يدعى بنصف اسمه ... مستأهل للصفع في أخدعيه
أحرقه الله بنصف اسمه ... وصير الباقي صراخاً عليه.
ويقال على اسحاق بن راهويه .. ابن راهوية بفتح الراء وضم الهاء وسكون الواو وفتح الياء وهاء ساكنة .
القمقم
جاء من كلام أبي الجلد جيلان بن أبي فروة قال : يرسل على الناس على رأس
كل أربعين سنة شيطان يقال له القمقم فيبتدع لهم بدعة .
وجيلان هذا مشهور بقراءة كتب أهل الكتاب كما في ترجمته في ثقات ابن حبان .
خبره في كتاب الحجة على تارك المحجة للمقدسي كما عند السيوطي في مفتاح الجنة ص 69 وترجمته في ثقات ابن حبان 4/119.
يقطس
جاء ذكره في قصة رواها أبو الشيخ في العظمة (5/1578) عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في هبوط آدم ولا تصح .
الشيطان الأبيض
لم يرد هذا بسند صحيح .. لا موقوفا ولا مرفوعا .. وإنماجاء في بعض روايات قصة برصيصا العابد ، وهي رواية ابن عباس رواها الثعلبي عنه بسندضعيف .
وجاء عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في قوله تعالى : { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ } [ التكوير- 25 ] يريد بالشيطان : الشيطان الأبيض الذي كان يأتي النبي صلى اللهعليه وسلم في صورة جبريل يريد أن يفتنه . اهـ
كما في فتح القدير (5/553) للشوكاني وغيره ، وهو كلام لا دليل عليه ولو ثبت عنهبسند صحيح .
الري
لا أدري كيف تهجئته ، وقد جاء هكذا في تفسير مقاتل عند قوله تعالى : { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } [ التكوير- 25 ] يعنى ملعون ، وذلك أن كفار مكة ، قالوا : إنما يجيء به الري ، وهو الشيطان ، واسمه الري فيلقيه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم .
وهذا لا يصح نسبته إلى عصر النبوة كما هو معلوم .
جلجل وعزام
قاله محمد رشيد رضا رحمه الله في مجلة المنار ( 6/607) في التعليق على أبيات الرافعي :
ضلة للفتى ومن تبعوه ... أشرق الصبح والقبور نيام
مسحته الجِنَّان أم مسخته ... وتولاه جُلْجُل أم عزام .
ولا دليل عليه في أي مرجع على حسب علمي .. والله أعلم .
فائدة في : الغول والسعالى والقطرب
قال الإمام ابن عبد البر في التمهيد (6/131) :
الغول وجمعها أغوال ، والسعلاة وجمعها السعالى ، ضربان من الجن ونوع من شياطينهن ، وقالوا : إنها تتصور صورا كثيرة في القفار أمام الرفاق وغيرها فتطول مرة وتصغر أخرى وتقبح مرة وتحسن أخرى ، مرة في صورة بنات وبني آدم ومرة في صورة الدواب وغير ذلك . اهـ
وقال الدميري في حياة الحيوان (2/32) :
السعلاة أخبث الغيلان وأشرها وهي كالمارد من الشياطين .. وقال : أن السعلاة ما يتراءى للناس في النهار والغول في الليل .
وربما اصطادها الذئب بالليل فأكلها وإذا افترسها ترفع صوتها وتقول : أدركوني فإن الذئب أكلني . اهـ كلامه .. والله أعلم .
وفي المسند عن جابر بن عبد الله قال ، قال رسول الله r :
إن الأرض تطوي بالليل ، وإذا تغولت لكم الغيلان فنادوا بالآذان .
رواه أحمد 3/305 والنسائي في الكبرى 6/10791 وسنده صحيح.
وأما القطرب
فذكر ابن دريد : أن القطرب والقطروب ذكر الغيلان وفي أزد يسمون الكلاب الصغار القطارب .
وقال ثعلبٌ: القطرب دويبةٌ كثيرة الحركة وهو الصرصار.
وقال الدميري (2/348) : طائر يجول الليل كله لا ينام، وقالوا : أجول من قطرب وأسهر من قطرب ..
وقال ابن سيده : إنه الذكر من السعالي، وقيل : هما صغار الجن، وقيل : القطارب صغار الكلاب واحدها قطرب، والقطرب دويبة لا تستريح نهارها سعياً. وقيل : القطرب حيوان يكون بالصعيد من أرض مصر يلهجون بذكره ، يظهر للمنفرد من الناس، فربما صده عن نفسه إذا كان شجاعاً ، وإلا لم ينته حتى ينكحه ، فإذا نكحه دود دبره وهلك .
وهم إذا رأوا من ظهر له القطرب قالوا : أمنكوح أم مروع ؟ فإن قال: منكوح أيسوا من حياته ، وإن قال : مروع عالجوه . اهـ
حديث : لا عدوى ولا طيرة ولا غول
أما ما رواه مسلم (2222) وأحمد (3/293) عن أبي الزبير عن جابر عن النبي r أنه قال : لا عدوى ، ولا طيرة ، ولا غول .
ففي معنى قوله " ولا غول " : أن العرب كانت تزعم أن الغيلان في الفلوات - وهي جنس من الشياطين - تتراءى للناس وتتغول تغولا أي تتلون تلونا فتضلهم عن الطريق فتهلكهم فأبطل النبي r ذلك ..
وقال آخرون : ليس المراد بالحديث نفي وجود الغول وإنما معناه إبطال ما تزعمه العرب من تلون الغول بالصور المختلفة واغتيالها ..
وقالوا ومعنى لا غول : أي لا تستطيع أن تضل أحدا ..
قال أبو الزبير في آخر الحديث : الغول الشيطانة التي يقولون .
رواه أحمد 3/293 ومسلم 2222.
ومما يشهد أن الغول شيطان أو شيطانة حديث : إذا تغولت لكم الغول فنادوا بالأذان ، فإن الشيطان إذا سمع النداء أدبر وله حصاص .
رواه الطبراني أوسط 7/256 والبزار 1247 عن الحسن عن سعد ولا يعرف له عن سعد سماع ، ومثله في مسلم 389.
وأنشد كعب بن زهير في قصيدته بانت سعاد أمام النبي r ولم ينكر :
فما تدوم حال تكون بها ** كما تلون في أثوابها الغول .
رواه الحاكم 3/670 وصححه ، ومن طريقه البيهقي في الكبرى 10/243.
وتفسير من يخطأ قول العرب أن الغيلان تفعل كذا وكذا ، يرده قوله تعالى :
) كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ ( [ الأنعام-71 ]
قال ابن كثير وجمهور المفسرين : هم الغيلان ، يدعونه باسمه واسم أبيه وجده فيتبعها وهو يرى أنه في شيء فيصبح وقد رمته في هلكة .. وربما أكلته أو تلقيه في مضلة من الأرض يهلك فيها عطشا .. فهذا مثل من أجاب الآلهة التي تعبد من دون الله عز وجل .. اهـ
فقوله r : لا غول ، ليس نفيا لوجودها بدليل الأحاديث التي مرت والتي أمر فيها بالآذان عند رؤية الغيلان ..
وكذلك ليس النهي في أنها تتراءى للناس وتتلون تلونا فتضلهم عن الطريق كما قال بعض شراح الحديث .. وإنما يحتمل أن الغول ليس لها من الأمر إلا التزيين والخداع وأنها لا تقدر حقيقة على الإضلال إلا إذا رأت الإنسان منفردا لا يذكر الله وفي مكان بعيد عن العمران فينخدع لها ..
وقد يراد به الإشارة إلى النهي عن السفر في الفلوات والتعرض للغول إلا جماعات كما في الأحاديث الواردة .. فهي كما ذكر ابن عبد البر تتصور صورا كثيرة .
ومن ذلك ما جاء عن ابن عباس في المسند بسند صحيح : أن رجلا خرج فتبعه رجلان ورجل يتلوهما يقول : ارجعا ، فرجعا ، فقال له : إن هذين شيطانان وإني لم أزل بهما حتى رددتهما ، قال : فنهى رسول الله r عند ذلك عن الخلوة .
وأمر النبي r بالجماعة في أحاديث كثيرة سيأتي بعضها ، وأخبار الغول مشهورة وقد سمعت بعضها بأذني لأناس أعرفهم جرت معهم حكايات غريبة في الربع الخالي من صحراء الجزيرة ، فالغول تخدع الناس وتتلون لهم وتتشكل في أشكال غريبة حتى إذا استمكنت من المخدوع أهلكته في الصحراء كي يموت جوعا وعطشا أو تغير عليه فتأكله كما في بعض الحكايات التي ذكرها ابن أبي الدنيا وغيره ..

ومن أسماء بعض الجن ،، مسلمهم وكافرهم

زوبعة
ذكره القرطبي في تفسير قوله تعالى : ) فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ( عن الجوهري صاحب الصحاح قال : الزوبعة رئيس من رؤساء الجن ومنه سمي الإعصار زوبعة ويقال أم زوبعة وهي ريح تثير الغبار وترتفع إلى السماء كأنها عمود .. اهـ ولا دليل على كلامه .
زلعب جني كافر وشاصر جني مسلم
جاء ذكرهما في قصة رواها ابن عباس عن سعد بن عبادة وهو في طريقه إلى حضرموت . ولا تصح .
أخرجه الزبير بن بكار في الموفقيات كما في الإصابة لابن حجر 3/309 وفي سنده شهر بن حوشب وهو ضعيف.
مسعر جني كافر وسمحج جني مسلم
جاء في قصة ذكرها ابن حجر عن الفاكهي في كتاب مكة من حديث ابن عباس عن عامر بن ربيعة قال : بينا نحن مع رسول الله r بمكة في بدء الإسلام إذ هتف هاتف على بعض جبال بمكة يحرض على المسلمين فقال النبي r : هذا شيطان ولم يعلن شيطان بتحريض على نبي إلا قتله الله فلما كان بعد ذلك قال لنا النبي r قد قتله الله بيد رجل من عفاريت الجن يدعى سمحجاً ، وقد سميته عبد الله ، فلما أمسينا سمعنا هاتفا بذلك المكان يقول :
نحن قتلنا مسعرا لما طغى واستكبرا * وصغر الحق وسن المنكرا * بشتمه نبينا المظفرا .
منسأة جني مسلم
ومنسأة اسم لجني مسلم كما قال ابن حجر : ذكر ابن دريد أنه أحد الجن الذين استمعوا القرآن من أهل نصيبين وآمنوا بالنبي r بنخلة .
انظر الإصابة لابن حجر 3/176 و 6/220 و 1/45 و 4/612 و 6/176 و7/451.
كما ذكر عن ابن عباس أسماء الذين أسلموا من جن نصيبين فقال هم تسعة :
سليط وشاصر وخاضر وحسا ومسا ولحقم والأرقم والأدرس وحاصر.
وذكر قصة عمرو بن جابر الجني أحد من وفد على النبي r من الجن ..
وذكر أيضاً : معتكد بن مهلهل بن دثار الجني وكان ممن أسلم من الجن وله قصة أوردها الخرائطي في كتاب الهواتف وقد ذكرها في ترجمة رافع بن عمير.
وذكر عن عمر أنه قال : هذا أبو الهيثم بريد المسلمين من الجن .
وذكر الخرقاء امرأة من الجن رآها عمر بن عبد العزيز في هيئة حية ميتة فدفنها وفيه قصة ..
والأخبار في أسماء الجن تطول ..
وفيما ذكرنا كفاية .. والله أعلى وأعلم .

About Me

My photo
أحمد فخرانى, جاكرتا الاندونيسى مولدا, القدسى والقاهرى نشأة, الأزهرى منهجا, الشافعى مذهبا, السنّى عقيدة, الصدّيقى سلسلة,الدرقاوى اسنادا, الشاذلى طريقة, النبوى وراثة, المحمدى خليفة, الرحمن عبدا, الرحيم رحمة.

Pages